كتاب المجموعات الغنائية العصرية السوسية..فكر،تاريخ وفن-مجموعة أرشاش
أحمد الخنبوبي
الحوار المتمدن-العدد: 2383 - 2008 / 8 / 24 - 07:14
المحور: الادب والفن
تأسست مجموعة "أرشاش" سنة 1979 من القرن الماضي ،على يد ثلة من الفنانين، كانوا فيما سبق ضمن مجموعات موسيقية، سبقت إلى الساحة كمجموعة" إزماز" وغيرها(32).
و كانت الخاصية المميزة لمجموعة "أرشاش" ،هو انحدار جل عناصرها من جبال سوس – ئيدرارن سوس– ،وبالضبط من قبيلة "إبركاك"، بمنطقة "إسافن" بالأطلس الصغير، بين حاضرتي طاطا وتارودانت. ومن المعروف أن المنطقة تمتاز بالانتشار الواسع لفن أحواش، وبالارتباط الوثيق لسكان المنطقة بهذا النمط الفني المتجذر في التاريخ، وكذا اشتهار المنطقة بالشعر ،والكلمة الموزونة ،من خلال مجموعة من الشعراء أو" اٍنظامن" . و يعتبر المرحوم عزيز الهراس أحد الرواد الدين ساهموا في تأسيس هده المجموعة ،و هو ينتمي لمنطقة تفراوت القريبة جغرافيا من إسافن، وقد أعطى انتماء هذا العنصر إضافة نوعية ل "أرشاش" ،بحكم اٍنتمائه إلى أسرة فنية عريقة و معروفة بالمنطقة.
لقد أدت كل هذه الجذور الفنية والموسيقية، بل والجغرافية والعائلية بشكل أدق ،لأفراد مجموعة" أرشاش"، إلى انبثاق أو ولادة مجموعة متميزة عن المجموعات الموسيقية الأمازيغية الأخرى، التي سبقت إلى الساحة الغنائية في المنطقة السوسية، كما أن أصول المجموعة القروية رغم استقرار عناصرها بمدينة الدار البيضاء ،أدى إلى التفاف جمهور غنائي عريض حول المجموعات الغنائية الأمازيغية العصرية، مقابل تخليه -النسبي طبعا –عن الروايس.
إن مجموعة"أرشاش"، وباستخدامها لمزيج من الآلات الموسيقية التقليدية والعصرية المعروفة لدى المجموعات الأخرى ،ك "البانجو"، "الطام طام" ،"ألون"،"القراقش"،"السنتير" . بالإضافة إلى التوظيف المحكم لآلة "كنكا" الإيقاعية، والمستعملة في فن "أحواش"، وكذا بتناولها لمواضيع مستمدة من تجارب الحياة ،وتعاملها مع حكم ومعاني الشاعر الأمازيغي العملاق، سيدي حمو الطالب، أكسبها شهرة واسعة ومن بينها ، قصيدة "سيدي حمو الطالب"(33) التي تغنت بها المجموعة، و اختارت لها اسم الشاعر "سيدي حمو" نفسه:
إرحمك أسيدي حمو الطالب إنا إكلين
ترحما عليك ياسيدي حمو الطالب
إلا أوزمز غ يكا يان إلا أوزمز غيقاي
هناك زمن يعطي فيه الإنسان و زمن يأخذ منه
ئيفولكي صبر غمكلي لحرير أور سار ئضبر يان
الصبر جميل يشبه الحرير فلن يجرح أحدا
ئيغ ئصبر يان ئكار بنادم دنوب أد روران
اٍذا صبر الإنسان لشخص شرير فاٍنه اقترف الذنب
و غنت كذلك الأشعار التي أبدعها أفراد المجموعة ،وعلى رأسهم الشاعر والمغني مولاي علي شوهاد، ومولاي ابراهيم اٍسكران، أكرام صالوت،المحفوظ كويو، والمرحوم مولاي عبد الكبير شوهاد، وبالألحان الرابطة بين التراث الموسيقي الأمازيغي السوسي والعصرنة ،بفضل أستاذ الصولفيج مولاي الحسين وخاس، وتجدر الإشارة إلى أن أفراد المجموعة يحملون أسماءهم مسبوقة بعبارة "بمولاي"، احتراما وتقديرا لهم .كما تمتاز المجموعة بالبحث في الإيقاعات، وكان لها الفضل الكبير في إنقاذ مجموعة من الإيقاعات، كانت آيلة للاندثار ،كالإيقاع المستعمل مثلا في قصيدة "سيدي حمو الطالب"، وغيرها من الإيقاعات الفريدة والمميزة. بكل هذا استطاعت "أرشاش" فرض وجودها في الساحة الموسيقية بسرعة كبيرة.
توصف كذلك مجموعة "أرشاش" ،بأنها اٍسم على مسمى أي الزخة المطرية ،حيث أن إنتاجها يعرف غزارة كما الأمطار، اٍذ للمجموعة الآن ،رصيدا غنائيا مهما جدا تجاوز الثلاثين ألبوما ،لما يفوق عن خمسة وعشرين سنة مند تأسيسها. وفي سابقة لدى المجموعات الموسيقية الأمازيغية، استطاع أفراد المجموعة التوفيق بين إنتاجات المجموعة، وإنتاجاتهم الإبداعية الفردية، وهو ما يبين بالفعل غزارة الإبداع لدى "أرشاش"، فقد أبدع مولاي علي شوهاد و شقيقه المرحوم عبد الكبير، في ألبومات غنائية شخصية، كما أبدع باقي أعضاء المجموعة ضمن مجموعة "اٍبركاك" التي تحمل اٍسم قبيلتهم .
لقد أدت وفاة كل من عزيز الهراس ومولاي عبد الكبير شوهاد ،كفردين من المجموعة، إلى خلق هاجس روحي لدى المجموعة بغيابهما ،وهو ما أكسب "أرشاش" الآن، تلك الصورة لدى الجمهور ،حيث يرتبط الروحي بالموسيقي. إن ارتباط المجموعة بالهوية والأرض والأصل من خلال الموسيقى، أعطاها مصداقية أكبر، حيث أن قصيدة "أركان"-وهي شجرة منتشرة في سهول و جبال سوس وهي رمز للصمود و الصبر- مثلا، التي تعتبر في نظري ،من روائع الأغاني لدى "أرشاش"، فهي تحيل على عدة معاني وتعالج عدة قضايا في الآن نفسه، وهذه أبيات من أبياتها(34) :
اٍنا وركان اٍتركا فك أمان اٍيواسيف
قال "أركان" للساقية مدي الماء للواد
اٍخلقاغ ربي غ لبور نميار اٍيرافان
خلقني الله في الخلاء و تعودت العطش
اٍيكا وركان أزيضار اٍيميار اٍيرافان
"أركان" نبت صبور فألف العطش
اٍيكا وركان أداك اٍيروان غ تساسين
"أركان" شجر ينفع في المصائب و المحن
أميت دو زريك أياد اٍيزري ربي فلاس
اٍبتلاه الله بالمحن الكثيرة
اٍيسوكان تيويت العار كيي أياشاقور
أيها الفأس كل العار يرجع اٍليك
اٍما ياركان اٍغ اٍيبي دا تلوح تاياوين
أما "أركان" اٍذا بتر يترك البدور في الأرض
كما أن إبداعات المجموعة، سواء من حيث الأشعار أو الألحان ،تعتبر ينبوعا لمجموعات أخرى ،خصوصا منها الشبابية حيث تلقى هده الأخيرة، تعاونا من طرف أفراد "أرشاش"،و قد قام الأستاذ علي الزهيم كوكلو ببحث قيم حول المجموعة ،و أشعارها أسماه "الأرشاشيات".
32. اٍبراهيم باوش ، مقدم برنامج"ميراث"،في حلقة حول المجموعات الموسيقية العصرية،التلفزة المغربية،سنة 2001.
33. أنظر الدكتور عمر أمارير، في كتاب "الشعر الأمازيغي المنسوب الى سيدي حمو الطالب"،مطبعة التيسير،الطبعة الأولى،سنة 1987.
34. مولاي علي شوهاد،قصيدة "أركان"،ديوان" أغبالو"،منشورات اٍدكل، الطبعة الأولى ،سنة 2002.
0 commentaires:
إرسال تعليق